تطوير قطاع التعدين العربي- استثمارات واعدة وفرص استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة.

المؤلف: صالح الزهراني، محمد الصبحي (جدة)08.10.2025
تطوير قطاع التعدين العربي- استثمارات واعدة وفرص استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة.

أكد المهندس خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، على الأهمية البالغة لتسريع وتيرة التحول نحو إنشاء صناعات معدنية جوهرية وتحويلية واسعة النطاق. وشدد على ذلك من خلال تطوير محفزات رئيسية تدعم الأنشطة التعدينية في الدول العربية، وذلك بالرغم من التقدم الملحوظ الذي شهده قطاع التعدين.

واستعرض الوزير هذه المحفزات، التي يأتي في طليعتها تحديث وتطوير أنظمة الاستثمار التعديني لتواكب متطلبات العصر الحديث، وتشجيع إقامة صناعات تحويلية تسهم في تحقيق أعلى قيمة مضافة ممكنة، بالإضافة إلى إنشاء مدن صناعية تعدينية متخصصة، وتوفير برامج تمويلية ميسرة ومتاحة لقطاع التعدين، والعمل الجاد على استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية الصنع. وأشار أيضًا إلى أهمية تنمية المناطق النائية من خلال إنشاء الصناعات التعدينية بالقرب من مصادرها، وتطوير مهارات الكوادر الفنية العربية العاملة في قطاع التعدين، وتوفير الحماية اللازمة للمواقع المعدنية وتخصيصها للمستثمرين، وتبني أفضل الأنظمة واللوائح المستدامة للإشراف الفعال على عمليات الاستكشاف والتطوير والتشغيل، وذلك بهدف ضمان حماية البيئة وتحقيق السلامة المنشودة.

وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر العربي الدولي الرابع عشر للثروة المعدنية، والمعرض المصاحب الذي أقيم تحت شعار "الثروات المعدنية العربية.. موارد إستراتيجية وفرص استثمارية واعدة"، والذي أقيم في جدة واستمر لمدة يومين برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أكد الفالح أن المنطقة العربية تحظى بثروات طبيعية هائلة، تشمل جميع أنواع التمعدنات الفلزية واللافلزية، المنتشرة عبر أرجاء العالم العربي من شرقه إلى غربه. وعلى سبيل المثال، تتركز خامات الفوسفات في دول مثل المغرب وتونس وسورية والسعودية والعراق، بينما تتواجد خامات الحديد بكميات كبيرة في موريتانيا ومصر والجزائر، وتتوفر كميات وافرة من الذهب في السودان والسعودية والمغرب. وأشار إلى أن الاحتياطي العربي من خام الفوسفات يمثل 76% من الاحتياطي العالمي، والكبريت 18%، والبارايت 15%، والبوتاس 7%، والتيتانيوم 5%، بالإضافة إلى نسب متفاوتة من الذهب والفضة ومعادن أخرى.

وأشار الفالح إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الحادية عشرة عالمياً في إنتاج الفوسفات، والذي يمثل إنتاجه في الدول العربية أكثر من 35% من الإنتاج العالمي. كما احتلت جمهورية مصر العربية المرتبة الثالثة عشرة عالمياً في صناعة الإسمنت البورتلاندي. وشهدت طاقات مصاهر الألمنيوم توسعاً ملحوظاً في كل من البحرين والإمارات ومصر والسعودية. ومع ذلك، أكد الوزير أن الطموحات والإمكانات أكبر من ذلك بكثير، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار وفرة هذه الخامات، والقوة الاستهلاكية الهائلة للمعادن ومنتجاتها في دولنا، وذلك بالنظر إلى التنمية الصناعية المتسارعة وتوفر مصادر الطاقة، فضلاً عن الموقع الجغرافي الاستراتيجي المتميز، الذي يمثل بعداً اقتصادياً هاماً.

وأوضح الفالح أن المعادن تشكل الركيزة الأساسية للصناعات الأساسية والتحويلية، التي تدخل منتجاتها في جميع المستلزمات والحاجات الحياتية. وبما أننا نمتلك هذه الثروات المعدنية والمقومات التي تؤهلنا للقيام بدور مؤثر عالمياً، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقنا تفرض علينا مضاعفة الجهود لتذليل العقبات التي تعترض تنمية قطاع التعدين في بلادنا العربية، وخلق بيئة استثمارية جاذبة ومحفزة، وتعزيز التكامل الاقتصادي لهذا القطاع. وأكد على أن هذا اللقاء ينعقد في ظل ظروف ومتغيرات وتحديات كبيرة يمر بها العالم اليوم، والتي تلقي بظلالها على أسواق المعادن، مما يستوجب الاستفادة القصوى من عناصر الخطة الإستراتيجية الاسترشادية لتنمية قطاع الثروة المعدنية في المنطقة العربية، والتي نصت أهدافها الرئيسية على تحقيق التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في مجال الثروة المعدنية، بما يعزز النمو الاقتصادي، ويحقق التنمية المستدامة لقطاع التعدين، إنتاجاً وتصنيعاً وتسويقاً، من خلال وضع الآليات المناسبة لتنمية الاستثمارات ودعم التجارة البينية للثروات المعدنية العربية والترويج لها، وتأسيس المشاريع الاستثمارية التعدينية المشتركة، وتقوية السياسات والأنشطة التي من شأنها تعزيز المساهمة في التنمية المستدامة للموارد المعدنية العربية.

وأشار الفالح إلى أن المملكة العربية السعودية تتميز بمساحتها الشاسعة التي تبلغ حوالي مليوني كيلومتر مربع، يشكل ثلثها صخور نارية ومتحولة تكون ما يعرف جيولوجياً بالدرع العربي، الذي يغطي الجزء الأوسط والشمالي والجنوبي من غرب المملكة، بمساحة تتجاوز 630 ألف كيلومتر مربع. هذا الجزء غني جداً بالموارد المعدنية الثمينة والفلزية، مثل الذهب والفضة والنحاس والزنك والعناصر النادرة.

كما تغطي الصخور الرسوبية الأجزاء الوسطى والشمالية والجنوبية من شرق المملكة، بمساحة تتجاوز 1.3 مليون كيلومتر مربع، وهي غنية بالمعادن اللافلزية مثل الفوسفات والبوكسايت ورمال السيليكا وخامات الإسمنت والجبس والصلصال والملح ومواد البناء وأحجار الزينة بمختلف أنواعها. ونظراً لتوافر كل هذه الخامات، فقد أصبح قطاع التعدين أحد الروافد والدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني.

وتابع الفالح قائلاً: "يبلغ عدد الرخص التعدينية الممنوحة أكثر من 2000 رخصة، مما أدى إلى زيادة حجم الاستثمار إلى أكثر من 250 مليار ريال. ونظراً لأن الصناعات المعدنية تعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية، فقد ركزت السياسات التعدينية السعودية على تنمية الصناعة التعدينية كهدف استراتيجي. وقد تم إنشاء مدينتين تعدينيتين عملاقتين: مدينة رأس الخير، التي سيفتتحها خادم الحرمين الشريفين الأسبوع القادم، وهي مدينة تقع على ساحل الخليج العربي، وتضم مجمعات صناعية ضخمة تنتج الأسمدة الفوسفاتية، بالإضافة إلى مصفاة للألومينا ومصهر للألمونيوم. والثانية هي مدينة وعد الشمال في منطقة الحدود الشمالية، وهي مدينة تعدينية متكاملة للمنتجات المتعلقة بخامات الفوسفات. ولتلبية احتياجات التنمية المحلية، وتأمين المواد الإنشائية لمشاريع النهضة العمرانية العملاقة في المملكة، أولت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية اهتماماً بالغاً لاستكشاف خامات مواد البناء والمعادن اللافلزية، وتم تحديد مكامنها ومنح الرخص التعدينية عليها، مما أسهم في إحلال الخامات المحلية محل المستوردة، وأصبح لدينا اكتفاء ذاتي من عدد من المنتجات، مثل الإسمنت البورتلاندي والجبس والخامات الأساسية لمواد البناء".

واختتم الفالح حديثه قائلاً: "على الرغم من التقدم الاقتصادي الكبير الذي تحقق في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع التعدين، فإن المملكة تطمح إلى المضي قدماً بخطى واثقة، ولذا فقد وضعت رؤية طموحة للمستقبل، ستكون مصدراً لتحقيق الازدهار والرخاء للوطن والمواطن، وهي "رؤية المملكة 2030"، التي رسمت بوضوح أهداف المملكة على المدى القريب والمتوسط لتنويع اقتصادها وضمان استدامته".

من جانبه، أشار ممثل عن وزير الطاقة والمعادن والبيئة المغربي إلى أن الاهتمام بقطاع المعادن والثروة المعدنية سينعكس إيجاباً على الاقتصاد، مطالباً الوزراء الحاضرين في المؤتمر بوضع خطة عمل وإستراتيجية تنموية لتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية، خاصة وأن المنطقة العربية تزخر بالعديد من المعادن، مما يستدعي تكثيف الجهود لرفع مستوى التنافسية. وأشار إلى أن القطاع المعدني يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي المغربي و28% من حجم الصادرات المغربية، في حين بلغ الإنتاج الوطني المغربي للمعادن في عام 2015 حوالي 29 مليون طن، يشكل الفوسفات نسبة 90% منه، وبلغت الاستثمارات حوالي 3 مليارات دولار، وبلغ عدد المستثمرين حوالي 40 ألف مستثمر.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة